جاءنيشاب لا يتجاوز الـ31 عاماً من العاملين بالمقاولات في أعمال الدهانات،واقترض مبلغاً من المال مني ولم أسأله عن رد ذلك المال، فاعتبرته كصدقه أوعمل خير وهو لم يذكر لي شيئاً عن هذا المال، وبعد ثلاثة أو أربعة أشهرأخرى طلب مني أن أقرضه مرةً أخري، في حين أني على علم بأنه يتردد علىالمقاهي ويقوم بشرب الدخان، فماذا تنصحني: هل أقرضه أم أكتفي بالقرض الأولالذي يعلم الله أني مسامح له فيه؟ وشكراً جزيلاً
الجواب.
بسم الله الرحمن الرحيم الأخ الفاضل ضياء محمودحفظه الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهوبعد
فهذه - بحمد الله عز وجل – خصلة عظيمة قد وفقك الله جل وعلا إليها، إنهإعانة المسلم وقضاء حاجته وهذا فيه فضل عظيم ومنقبة جليلة - بحمد الله عزوجل – لاسيما وأنك قد جمعت بين القرض وبين الصدقة؛ فهذا خير إلى خير، وقدخرج مسلم في صحيحه عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (من نفَّس – أي فرَّج – عن مؤمنة كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يومالقيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن سترمسلمًا ستره في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عونأخيه). وخرَّجا في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله فيحاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة،ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة). فالحمد لله الذي وفقك لهذه الخصلةالكريمة.
وأما ما أشرت إليه من هذا الشاب الذي اقترض منك أنه يتردد على المقاهيوأنه يُدخن مما فيه إشارة إلى أنه قد يُنفق هذا المال في غير وجهه وقديكون طالبًا إياه لأجل هذه المقاصد، فهذا أمر وارد في حال هذا الشخص، فإنعادة المقترض الذي يكون في حاجة للمال أن يحافظ على ماله وأن ينفقه فيوجهه، فإذا ظهرت مثل هذه العلامات دل ذلك على عدم تقدير هذا الإنفاق فيوجهه المشروع أو على أقل تقدير التهاون فيه، ومع هذا فأجرك على الله جلوعلا، فلو فرض أن إنسانًا طلب منك قرضًا أو صدقة وهو كاذب في ذلك لكنتمأجورًا في نيتك، كما خرَّجاه في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (قال رجل: لأتصدقنَّ بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق،فأصبحوا يتحدثون: تُصدق الليلة على سارق، فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقنَّبصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تُصدق الليلةعلى زانية، فقال: اللهم لك الحمد على زانية، لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقتهفوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون: تُصدق على غني، فقال: اللهم لك الحمدعلى سارق وعلى زانية وعلى غني..) قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : فأُتي – أي أُخْبِر عن طريق رؤيا صادقة أو نحوٍ من هذه الأمور – فقيل له: أمَّا صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أنتستعف عن زناها، وأما الغني فلعله أن يعتبر فينفق مما أتاه الله) وهذاالأصل قد قرره النبي - صلى الله عليه وسلم – بقوله: (إنما الأعمال بالنياتوإنما لكل امرئ ما نوى)، فأجرك في جميع أحوال.
إذا عُلم هذا فإنه لا يجب عليك أن تقرضه قرضًا آخر باتفاق أهل العلم وإنماإن شئت أقرضت وإن شئت لم تقرض، وأما إن أردت إقراضه فهذا لا مانع منه ولكنينبغي حينئذ أن تنصحه بأن ينفق هذا المال في وجهه المشروع، على أن فيامتناعك عن إقراضه في مثل هذه الحالة أيضًا وجه معتبر لأنك قد ظهر لك منهعلامات تدل على عدم إنفاق هذا المال في وجهه الصحيح، ولربما كان يطلب هذاالمال لغير مقاصد سليمة - كما لا يخفى على نظرك الكريم – فلو أنك وضعت هذاالمال في يد من هو أحوج لكان خيرًا عظيمًا ولكان أفضل وأوقع في الصدقةوالأجر، وأنت صاحب الموازنة في هذا، فانظر أين تضع مالك واجعله في اليدالتي تكون أشد حاجة وأشد فاقة، والله يتولاك برحمته ويرعاك بكرمه، ونسألالله عز وجل أن يزيدك خيرًا وفضلاً، وأن يجعلك من عباد الله المحسنينالذين قال فيهم: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِوَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّالْمُحْسِنِينَ} وأهلاً وسهلاً ومرحبًا وبمراسلتك إلى الشبكة الإسلاميةالتي ترحب بك على الدوام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق