السبت، 7 مايو 2011

كيفية التعامل مع أصدقاء سيئين

 كيفية التعامل مع أصدقاء سيئين
السؤال
جاءني شاب لا يتجاوز الـ31 عاماً من العاملين بالمقاولات في أعمال الدهانات، واقترض مبلغاً من المال مني ولم أسأله عن رد ذلك المال، فاعتبرته كصدقه أو عمل خير وهو لم يذكر لي شيئاً عن هذا المال، وبعد ثلاثة أو أربعة أشهر أخرى طلب مني أن أقرضه مرةً أخري، في حين أني على علم بأنه يتردد على المقاهي ويقوم بشرب الدخان، فماذا تنصحني: هل أقرضه أم أكتفي بالقرض الأول الذي يعلم الله أني مسامح له فيه؟ وشكراً جزيلاً 
الجواب.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل ضياء محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فهذه - بحمد الله عز وجل – خصلة عظيمة قد وفقك الله جل وعلا إليها، إنه إعانة المسلم وقضاء حاجته وهذا فيه فضل عظيم ومنقبة جليلة - بحمد الله عز وجل – لاسيما وأنك قد جمعت بين القرض وبين الصدقة؛ فهذا خير إلى خير، وقد خرج مسلم في صحيحه عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (من نفَّسأي فرَّج – عن مؤمنة كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه). وخرَّجا في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة). فالحمد لله الذي وفقك لهذه الخصلة الكريمة.

وأما ما أشرت إليه من هذا الشاب الذي اقترض منك أنه يتردد على المقاهي وأنه يُدخن مما فيه إشارة إلى أنه قد يُنفق هذا المال في غير وجهه وقد يكون طالبًا إياه لأجل هذه المقاصد، فهذا أمر وارد في حال هذا الشخص، فإن عادة المقترض الذي يكون في حاجة للمال أن يحافظ على ماله وأن ينفقه في وجهه، فإذا ظهرت مثل هذه العلامات دل ذلك على عدم تقدير هذا الإنفاق في وجهه المشروع أو على أقل تقدير التهاون فيه، ومع هذا فأجرك على الله جل وعلا، فلو فرض أن إنسانًا طلب منك قرضًا أو صدقة وهو كاذب في ذلك لكنت مأجورًا في نيتك، كما خرَّجاه في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلمأنه قال: (قال رجل: لأتصدقنَّ بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تُصدق الليلة على سارق، فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تُصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد على زانية، لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون: تُصدق على غني، فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني..) قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : فأُتي – أي أُخْبِر عن طريق رؤيا صادقة أو نحوٍ من هذه الأمور – فقيل له: أمَّا صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني فلعله أن يعتبر فينفق مما أتاه الله) وهذا الأصل قد قرره النبي - صلى الله عليه وسلم – بقوله: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)، فأجرك في جميع أحوال.

إذا عُلم هذا فإنه لا يجب عليك أن تقرضه قرضًا آخر باتفاق أهل العلم وإنما إن شئت أقرضت وإن شئت لم تقرض، وأما إن أردت إقراضه فهذا لا مانع منه ولكن ينبغي حينئذ أن تنصحه بأن ينفق هذا المال في وجهه المشروع، على أن في امتناعك عن إقراضه في مثل هذه الحالة أيضًا وجه معتبر لأنك قد ظهر لك منه علامات تدل على عدم إنفاق هذا المال في وجهه الصحيح، ولربما كان يطلب هذا المال لغير مقاصد سليمة - كما لا يخفى على نظرك الكريم – فلو أنك وضعت هذا المال في يد من هو أحوج لكان خيرًا عظيمًا ولكان أفضل وأوقع في الصدقة والأجر، وأنت صاحب الموازنة في هذا، فانظر أين تضع مالك واجعله في اليد التي تكون أشد حاجة وأشد فاقة، والله يتولاك برحمته ويرعاك بكرمه، ونسأل الله عز وجل أن يزيدك خيرًا وفضلاً، وأن يجعلك من عباد الله المحسنين الذين قال فيهم: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} وأهلاً وسهلاً ومرحبًا وبمراسلتك إلى الشبكة الإسلامية التي ترحب بك على الدوام.

وبالله التوفيق.

ليست هناك تعليقات: